أطلقت الإدارة العامة لخدمة المجتمع بالاشتراك مع إدارة التوعية بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات بشرطة دبي، حملة توعوية اجتماعية حول “أضرار انتشار الحبوب وعقاقير الهلوسة بين طلبة المدارس” . وانتقد القائمون على الحملة غياب دور الأسرة في توعية أبنائهم بشكل كبير حول العديد من الظواهر المجتمعية السلبية، ومن بينها المخدرات، وأكدوا أن دور رب الأسرة اقتصر- فقط -على الرعاية وتوفير الاحتياجات المادية من دون بذل الجهود للتربية، التي هي أهم، لأنها أساس السلوك القويم للأبناء منذ الطفولة، وركزوا -أيضاً – على أهمية دور الاختصاصي الاجتماعي داخل المدرسة، ودور الكادر الطبي في اكتشاف حالات الاشتباه في تعاطي المواد المخدرة من عدمه .
انتقد فريق عمل الحملة مسؤولي بعض المدارس، الذين يرفضون الإبلاغ عن أي حالة مشتبه في تعاطيها المواد المخدرة حفاظاً على سمعة المدرسة أولاً وأخيراً، رغم أن استمرارية الأمر تؤدي إلى تورط أعداد أكبر في المشكلة .
وأكد العقيد الدكتور جاسم خليل ميرزا مدير إدارة التوعية الأمنية في الإدارة العامة لخدمة المجتمع، أن إحدى الدراسات الاجتماعية التي أعدت، مؤخراً، داخل الدولة تشير إلى أن ولي الأمر لا يجلس مع أبنائه سوى 7 دقائق فقط على مدار الأربع والعشرين ساعة، مما يوضح مدى الغياب الفعلي لدور الأب في حياة ابنه ومتابعته بشكل جيد، وإبعاده عن أي مخاطر .
وقال ميرزا إنه في إطار استراتيجية شرطة دبي السنوية يتم تنظيم 12 حملة توعوية حول الظواهر المجتمعية المختلفة، ومنها حملات مرورية، وجنائية وغيرها، لافتاً إلى أن الحملة تستهدف في المقام الأول توعية طلبة المدارس في المرحلتين الإعدادية والثانوية، من مخاطر الحبوب وعقاقير الهلوسة، لأنها تعد المخدرات الأسهل انتشاراً بين هذه الفئة، والتركيز على الجلوس مع أولياء الأمور، والاختصاصيين الاجتماعيين والنفسانيين في المدارس، بل وإخضاعهم لدورات تدريبية خلال مدة الحملة، تعرفهم كيف يكتشفون الحالات المشتبه في تعاطيها للمخدرات .
وأفاد أن مشاركة مسؤولين من السفارتين البريطانية والأمريكية في تلك الحملة أمر مهم، نظراً لوجود مدارس تتبع تلك الجاليات، ولابد من توعيتهم بمخاطر تلك المواد المخدرة، بل لن يقتصر الأمر على ذلك، ولكن سيتم إدخال مدارس الجاليات والخاصة في تلك الحملة المهمة، لاسيما أن البعض لديهم برامج فعلية تطبق في هذا الأمر .
وقال العقيد جاسم خليل إن أجهزة الشرطة في الدولة تقوم بدور حيوي ومهم في عملية الضبط للمخدرات، والمهربين، والمروجين، وأيضاً التوعية، ولكن يبقى الأساس في حماية الأبناء من الانزلاق تجاه هذه الآفة الخطرة هو دور الأسرة التي تقع عليها المسؤولية الأكبر .
مشكلات طلابية
ذكر العقيد جاسم خليل ميرزا أن مديرة إحدى المدارس اتصلت بجمعية توعية ورعاية الأحداث تبلغ أن لديها 425 طالباً في المدرسة من بينهم 25 طالباً يعتبرون من أسوأ الطلبة، وفقاً لتعبيرها، حيث من بينهم من يقوم بسرقات وكذب، وتخريب، وهروب، ورسوب، وتدخين، وطلبت الاستعانة بالجمعية لحل المشكلة، لافتاً إلى أنه تم عمل فريق يضم اختصاصيين اجتماعيين ونفسانيين لعلاج الأمر، حيث تم إخضاع المجموعة التي تراوحت أعمارها بين 9 و14 عاماً لبرامج وجلسات علاج اجتماعي ونفسي، بعيداً عن إدارة المدرسة، وتبين أن هؤلاء التلاميذ هم ضحايا التفكك الأسري، حيث إن آباء بعضهم متورطون في قضايا مخدرات، وبعضهم يتعرض للعنف الأسري من الإخوة الأكبر، وأن آباءهم غائبون عن التواصل معهم، وأن الأمهات يجهلن الكثير عن العملية التعليمية، وقدمت لهم برامج تقويم، حيث إنه تم خلال العام تعديل سلوك 18 منهم، ونجحوا في مراحلهم، وانتقلوا للصفوف الأعلى وقلّت مشكلاتهم .
وأكد ميرزا أن هذا حال مدرسة واحدة فقط، ولذلك نجد أن دور الاختصاصي الاجتماعي في بعض المدارس محدود، ولا يوجد لديه الوعي الكافي بالظواهر المجتمعية التي تؤثر سلباً في الطلاب
مشروع مجرم
قال الدكتور جاسم خليل ميرزا إنه كان في زيارة لمركز شرطة بإحدى إمارات الدولة ليلاً في نحو الساعة الثانية عشرة مساء، وفوجئ بأب يدخل للبحث عن ابنه، وتبين أن الابن ألقي القبض عليه وهو يتعاطى الحبوب المخدرة، وبالبحث في الأمر تبين أن الأب متورط سابقاً في قضايا تعاطي حبوب، وهناك ابنة له مودعة في دار رعاية، وأن الأسرة مفككة، مما يؤدي إلى إيجاد مشروع مجرم من بين الأبناء.
الرسالة الأمنية
من جانبه، تحدث المقدم جمعة الشامسي مدير إدارة التوعية بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات، قائلاً: إن الحملة تركز على توعية طلبة المدارس من الصف السابع إلى الصف الثاني عشر بأضرار حبوب وعقاقير الهلوسة، وتوعية أولياء الأمور بأضرارها وتأثيرها في أبنائهم، وتدريب الهيئة التدريسية على توصيل الرسالة الأمنية للطلبة، لافتاً إلى أن الحملة سوف تركز على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي مثل “فيس بوك” و”تويتر” للتوعية، وأيضاً الهواتف الذكية المنتشرة بين أيدي الطلبة لتوعيتهم من خلالها، إضافة إلى دعوة كتّاب الأعمدة في الصحف إلى تخصيص مقالات للتوعية بخطورة الحبوب المخدرة على الأبناء، ونشر تحقيقات صحفية مع بعض الأحداث الجانحين وأولياء الأمور، وإجراء لقاءات مع مشاركين في الحملة، ووضع شعار الحملة على المواقع الإلكترونية، والتواصل مع بعض المنتديات الشبابية والاجتماعية، لتفعيل أهداف الحملة، والتواصل مع الأندية الرياضية، وتنظيم محاضرات توعوية، والتواصل مع الإعلام المسموع والمرئي للغرض ذاته .
وأضاف الشامسي أن الحملة تتضمن أيضاً تفعيل دور المدارس في مجال التوعية من المخاطر السلبية، ومن بينها المخدرات عبر الإذاعة المدرسية، والمسرح المدرسي، وأيضاً التواصل مع المساجد ومخاطبة القائمين عليها بتخصيص خطب الجمعة للتوعية بمخاطر الحبوب المخدرة والنهي عنها، وإعداد نشرات توعوية، ووضع شعار الحملة على أجهزة الصراف الآلي، ورسائل البريد .
وأكد أن الحملة التي تشمل 172 مدرسة على مستوى دبي تشارك فيها وزارة الداخلية من خلال لجنة حماية الطفل، وشرطة دبي، ووزارة التربية والتعليم، ومصرف الإمارات المركزي، والشؤون الاجتماعية، وبريد الإمارات، ووزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، والهيئة العامة للرياضة والشباب، وهيئة تنمية المجتمع بدبي، ونيابة الأسرة والأحداث، والمحاكم، ومجلس دبي الرياضي .
وأوضح المجلس أن هناك حملة أخرى يتم الإعداد لها حالياً، بالتنسيق مع هيئة المعرفة، لتشمل نحو 29 جامعة على أرض دبي، للتوعية بمخاطر المواد والعقاقير المخدرة بين طلبة الجامعات
حالات هلوسة
أكد المقدم جمعة الشامسي أنه لا يوجد إحصاء دقيق لضبط طلبة متورطين داخل المدارس في تعاطي العقاقير المخدرة، مشيراً إلى أنه قد يضبط طالب ولكن خارج محيط المدرسة، في محيط الحي الذي يعيش فيه على سبيل المثال، مشيراً إلى حالة أم حضرت إلى الإدارة مع ابنها، وأشارت إلى أنها كانت تدخل عليه فتجده يتحدث مع نفسه، وشكت أن يكون لدى ابنها مس شيطاني، أو أنه مصاب بمرض خطر، حيث إن الابن الصغير كان يهلوس ببعض العبارات، إلا أنها بالضغط عليه لمعرفة حالته اعترف بأنه يتعاطى الحبوب المخدرة وحبوب الهلوسة، فقامت بإحضاره للإدارة لعلاجه
وأكد الشامسي أن شرطة دبي تتواصل مع أي أب أو أم يقومان بالإبلاغ عن حالة اشتباه لدى أي من أبنائهما حول تعاطيهما مخدرات، مشيراً لأم اتصلت من إحدى إمارات الدولة مشتبهة في تعاطي ابنها الحبوب، وتمت مساعدتها في الوصول للجهة المختصة القريبة منها للتواصل معها . وقال إن الطالب الذي يضبط للمرة الأولى يُستدعى ولي أمره، ويؤخذ عليه تعهد برعايته، وأيضاً إذا ضبط مجدداً مع إلزامه بضرورة علاجه وتقويم سلوكه، مؤكداً أنه لا يمكن إدانة طالب في قضية مخدرات، وهو في سن صغيرة، ولذلك نطالب الآباء بأن يكونوا أكثر حرصاً ووعياً على أبنائهم .
حماية الأبناء
من جانبه، قال نائب القنصل البريطاني في دبي سام هيز، إن هناك تعاوناً كبيراً بين شرطة دبي والقنصلية البريطانية، خاصة في ما يتعلق بحملات التوعية، لافتاً إلى أن شرطة دبي بالتنسيق مع القنصلية، أقامت العديد من الحملات التوعوية المرورية والمجتمعية، ومنها حملة حماية الشباب من المخدرات التي تستهدف الشباب، مشيراً إلى هناك 100 ألف بريطاني يعيش على أرض دبي، ومن بينهم أسر وطلبة في المدارس، وبالتالي يكون من المهم التواصل مع شرطة دبي لإعداد برامج لحماية هؤلاء الأبناء .
من جانبها، قالت جينا ماري جاكيتي، مساعد ملحق بدولة الإمارات العربية المتحدة ومتخصصة في مكافحة المخدرات بوزارة العدل الأمريكية، إنه من المهم عقد العديد من الدوريات التوعوية، خاصة فيما يتعلق بالجوانب القانونية، وذلك لاختلاف القوانين بين الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية .