0097143346600

ما بين الساعة 08:00-14:00

info@juvenile.ae

التواصل عبر البريد الالكتروني

الحدث (الجانح) اليوم هو (مجرم) الغد، إذا لم يتم علاجه وتقويمه

شارك هذا المقال

 

جناح الأحداث ظاهرة قديمة قدم المجتمعات الإنسانية، ففي كل مجتمع هناك أطفال يخرجون عن معايير وقيم المجتمع ومثله والقوانين التي ارتضاها لنفسه من أجل ضبط إيقاع الحياة، ومع تطور المجتمعات الإنسانية يزداد تعقيد نسج العلاقات المجتمعية ويتعاظم تأثير الضغوط النفسية، وتتصاعد حدة التنافس بين الأفراد، وتتغير أساليب الانتاج وبالتالي علاقاته، كما تتطور وظائف الأسرة ونمط العلاقات بين أفرادها، وينتشر جناح الأحداث وتزداد حدته. .
في المجتمع الإماراتي تكاد تكون هذه الظاهرة غير معروفة في عصر ما قبل النفط، حيث كان الطفل – رغم انخفاض مستوى المعيشة – يحظى برعاية الأسرة الممتدة وينعم بالتواصل وبدفء العلاقات الاجتماعية وأمان التماسك العائلي، علاوة على أن المؤثرات الخارجية يكاد لا يكون لها تأثير محسوس على البيئة الأسرية المحلية. . ومع اكتشاف النفط، وتسارع عجلة التنمية وتدفق الخير إلى البلاد، ومعه تشكيلة متنوعة من العادات والسلوكيات والتقنيات التي انسابت لتتغلغل إلى أعماق النسيج الاجتماعي الإماراتي،وتعشش في القلوب قبل العقول، فظهرت الزوجة الأجنبية والخادمة الآسيوية والألعاب الألكترونية الغربية، والعقاقير المخدرة، وأصبح الحدث الصغير والذي يكاد لا يبرح مكانه يسمع ويتعامل مع العديد من اللهجات والعادات، بل والأزياء والأكلات بالغة التباين، وعميقة الاختلاف، هذه الظروف مجتمعة كان لها بلا شك تأثير على أطفال الإمارات فلذات الأكباد وذخيرة المستقبل، من هنا كانت أهمية الدراسة التي أجراها الدكتور محمد مراد عبدالله، مدير مركز دعم اتخاذ القرار بشرطة دبي، حول مشكلة جناح الأحداث المعنونة ب ’’جناح الأحداث من منظور شرطي’’، انطلاقا من القاعدة الشرطية المعروفة أن الحدث الجانح اليوم هو مجرم الغد إذا لم يتم علاجه وتقويمه. .
والواقع أن الدراسات المحلية التي تناولت هذا الموضوع تعد قليلة للغاية، فهي لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، أيضا الدراسات العربية تعتبر إلى حد كبير شحيحة إذا ما قورنت بالدراسات الأجنبية في هذا المجال. .
وهذه الدراسة للدكتور محمد مراد عبدالله توثق رؤية شرطية لمشكلة يعايشها ويتعايش معها من واقع الممارسة الوظيفية والخبرة العملية، والدراسة النظرية، والاتصال المباشر بكل أطرافها والمهتمين بها والقائمين على احتوائها. .
وقد حدد الدكتور محمد مراد عبدالله في مطلع الدراسة المفاهيم، فذكر أن مصطلح ’’الجناح’’ بضم الجيم، يعني الميل إلى الإثم، وأصل ذلك من الجناح الذي هو الإثم، ويطلق لفظ ’’جانح’’ على كل من يخالف القوانين المعمول بها. . ويشير التعريف القانوني للحدث إلى أنه ’’الصغير الذي أتم السن التي حددها القانون للتمييز والادراك، ولم يتجاوز السن التي حددها لبلوغ الرشد، وقد حدد المشرّع الإمارتي والمصري والسوري واللبناني والكويتي الحدث بأنه ’’كل من أتم السابعة من عمره ولم يبلغ الثامنة عشرة، سواء أكان ذكرا أو أنثى’’. .
وأوضحت الدراسة أنه من وجهة النظر الشرطية، يكون استخدام مصطلح جناح الأحداث أكثر دلالة وتوفيقا في تناول الموضوع محل الدراسة، حيث ينصب الاهتمام على مخالفة كل من بلغ سن السابعة ولم يتجاوز الثامنة عشرة لأي نص من نصوص القوانين المعمول بها في الدولة ما لم يكن متخلفا عقليا أو فاقدا للوعي أو التمييز. .
وأكدت الدراسة على أن الطفل يولد ولديه خليط من النزعات الخيرة والشريرة، وتعمل الظروف التربوية والاجتماعية والأسرية والاقتصادية والنفسية التي يعيش في كنفها على إظهار أحد الجانبين وتغليبه على الجانب الاَخر. .
وأن مشكلة جناح الأحداث تعتبر من المشاكل متعددة الجوانب، لذلك فإن العديد من العوامل تتفاعل وتساهم في تشكيل السلوك الجانح، ويكاد يكون من المستحيل التعرف بدقة على قدر مساهمة كل عامل في توليفة مسببات الجناح. . وأن تقسيم العوامل المسببة لجناح الأحداث لا يعني انفصالهاعن بعضها، ذلك أنها متداخلة ومتشابكة إلى درجة بالغة التعقيد. .
وشرحت الدراسة أهم العوامل المسببة لجناح الأحداث بصفة عامة وهي: التفكك الأسري، وسوء التربية، وسوء علاقة الأب بالطفل، والحرمان، وانخفاض الذكاء، وانخفاض المستوى الاجتماعي والاقتصادي، والوراثة السيئة (تأثير العوامل الموروثة)، وعدم اتزان الشخصية، والشللية الضارة. . وهناك عوامل أخرى متنوعة، أهمها: وسائل الإعلام (خاصة التلفزيون والفيديو)، ووقت الفراغ، والألعاب الالكترونية، والسفر للخارج بدون صحبة الأهل، والتجارب الجنسية المبكرة. . . إلخ.
وعلى الرغم من أن العوامل التي تؤثر في جناح الأحداث تتشابه في غالبية المجتمعات، إلا أن لكل مجتمع ظروفه الخاصة التي تضفي نوعا من الخصوصية والتميز لهذه الظاهرة. .
وذكر الدكتور محمد مراد عبدالله أن من السمات التي تختص بها الظاهرة في المجتمع الإماراتي والتي استخلصها من واقع خبرته الوظيفية والبيانات التي تضمنتها الاستمارات الميدانية التي صممتها شرطة دبي، والتي تعبأ بمعرفة المحققين الشرطيين لقضايا الأحداث، يمكن تمييز بعض السمات التي تميز ظاهرة جنوح الأحداث في المجتمع الإماراتي، على النحو التالي: –

– المستوى الاقتصادي والمعيشي لأسر الجانحين الأحداث يفوق نظيره في أسر الأسوياء. .
–  حياد عدد كبير من العوامل التي لها تأثير واضح على الظاهرة في العديد من المجتمعات، ومن العوامل التي لا يعتقد أن يكون لها تأثير على الظاهرة في المجتمعات الأخرى، المستوى التعليمي للأب والأم، وعمل المرأة، وكبر حجم الأسرة، وانتقال الصفات الإجرامية بالوراثة. .
-معظم جرائم التسول تقع بمعرفة أحداث إيرانيين.

– معظم جرائم السرقات تتم بدافع المغامرة، وتمثل انعكاسا للنزعة العدوانية، وليس الحاجة المادية. .
– متوسط دخل الأسر التي ينتمي إليها الأحداث الجانحون يبلغ شهريا حوالي حوالي (7000) درهم للأسر المواطنة وحوالي (3000) درهم للأسر الوافدة (هذا المعدل بمقياس عشر سنوات مضت).
– متوسط المصروف اليومي الذي يتقاضاه الحدث الجانح المواطن (8) دراهم يوميا، وهو مقدار يفوق ما يحصل عليه في المتوسط نظيره السوي (5^3) دراهم (هذا المعدل بمقياس عشر سنوات مضت).
– نادرا ما ينحرف الحدث الذكر الذي يكون ترتيبه الأول، أو الأخير في الأسر المواطنة، وغالبا ما يتركز الانحراف في الأبناء الأواسط، ويمكن تفسير ذلك بأن الطفل الأول غالبا، ما يأتي من الزواج الأول ،حيث لا يعاني هذا الطفل (حتى يشب) من الاضطرابات العاطفية الناجمة عن مشاكل الطلاق أو تعدد الزوجات، أو وجود الإخوة غير الأشقاء، أما الطفل الأخير فغالبا ما يحظى باهتمام ورعاية مضاعفة، حيث يكون محل اهتمام الوالدين، كذا إخوته الكبار، بعكس الحدث الأنثى، حيث غالبا ما تكون الأنثى الحدث الجانحة تحتل الترتيب الأول بين اخواتها، وربما يرجع ذلك إلى تدليلها، وضعف رقابة إخوتها الذكور الأصغر منها. .
وأوضح الدكتور محمد مراد عبدالله أن غالبية أسر الأحداث الجانحين في المجتمع الإماراتي تتسم بأن الأب غائب، حيث اللامبالاة الشديدة من رب الأسرة تجاه أسرته وغيابه معظم الأوقات خارج منزله، وعدم معرفته بأحوال أبنائه الدراسية، وربما يصل الأمر إلى الجهل بأسماء المدارس التي يدرس فيها أبناؤه أو الصفوف الدراسية التي وصلوا إليها. . كما تتسم هذه الأسر بتصدع البناء الأسري، حيث ترتفع نسبة الطلاق، وتعدد الزوجات. . وبالإنحراف من الداخل ،حيث تنعدم القدوة نتيجة إدمان الأب على شرب الخمر، أو تعاطي المخدرات وغير ذلك من الانحرافات. .
أشارت الدراسة إلى أنه حتى منتصف السبعينات كانت قضايا الأحداث تعالج بمعرفة رجال الشرطة دون معاونة من المتخصصين الاجتماعيين، وكان نادرا ما يسجن الحدث، وإنما كان التصرف الشائع حيال القضايا البسيطة يتمثل في النصح والإرشاد أو العقاب البدني بالنسبة للقضايا الأخرى، وفي معظم الحالات كان الحدث يسلم إلى ذويه، حيث يتعهد ولي الأمر كتابيا بمراقبة الحدث وبالعمل على تقويمه. .
وبصفة عامة لم تكن هناك أية سياسة واضحة المعالم تجاه معاملة الأحداث الجانحين، ولم تكن هناك مؤسسات متخصصة لرعايتهم أو قانون يختص بجرائمهم. وفي عام 1976م صدر القانون الاتحادي رقم 9 في شأن الأحداث الجانحين والمتشردين، وقد تضمن هذا القانون التدابير التي يجوز اتخاذها في شأن الجانح، والتي حصرتها المادة (15) فيما يلي: التوبيخ. . التسليم. . الاختبار القضائي. . منع ارتياد أماكن معينة. . حظر ممارسة عمل معين. . الالتزام بالتدريب المهني. . الإيداع في ناد علاجي، أو دار للتربية، أو معهد للاصلاح حسب الأحوال. . الإبعاد عن البلاد في حالات غير المواطنين. .
وقد تضمن القانون العديد من الضوابط الهامة التي تعكس الرعاية التي أضفاها المشرع على الأحداث الجانحين للاعتبارات التي تتعلق بصغر السن، ومنها عدم إجازة الحكم على الحدث بعقوبة الإعدام، أو السجن أو العقوبات المالية. . وعدم سريان أحكام القانون على الحدث. . وعدم خضوع الحدث للعقوبات التبعية أو التكميلية، عدا المصادرة، وغلق المحل، والعزل من الوظيفة. . وعدم جواز حبس الحدث احتياطيا. . ومحاكمة الحدث تكون في غير علانية، ويجوز للمحكمة إعفاء الحدث من حضور المحكمة بنفسه.
وفي عام 1979م صدر قرار وزاري رقم 70 الخاص بإنشاء مراكز استقبال الأحداث بإدارات الشرطة بمختلف إمارات الدولة، حيث قامت هذه المراكز بالعديد من المهام في هذا المجال، وأهمها تحديد أماكن خاصة لإيداع الأحداث بمراكز الشرطة بعيدا عن الكبار من المتهمين، ودراسة وفحص الحالات التي كانت ترد إلى إدارات الشرطة، وتقديم تقرير عنها إلى المحكمة المختصة، وحضور جلسات المحاكم وإبداء التوصيات اللازمة لكل حالة، والقيام بأعمال التوجيه والإرشاد للأحداث الجانحين ولأولياء أمورهم، وحضور تحقيقات الشرطة عند ورود كل حالة بعد القبض عليها، ومتابعة الحالة بالرعاية اللاحقة بعد الانتهاء من المحكمة. .
وقد استمر عمل هذه المراكز خلال الفترة من فبراير 1980م حتى منتصف ديسمبر 1981م وهو تاريخ افتتاح الوحدات الشاملة لرعاية الأحداث. .
وفي بداية عام 1982م بدأت وحدتان للرعاية الشاملة للأحداث عملها، الأولى في إمارة أبو ظبي، والثانية في إمارة الشارقة بهدف إعادة تأهيل الأحداث الجانحين بمعرفة متخصص في هذا المجال إلى جانب تقديم رعاية لاحقة للمفرج عنهم. . ولكن نظرا لوجود هذه المؤسسات في إمارتي أبو ظبي والشارقة، فإنه عمليا يندر أن يحال إليهما أحداث من إمارات أخرى. .
وفي إمارة دبي أنشئ قسم خاص في سجن دبي المركزي للأحداث الجانحين زود بالمرافق الخاصة والاختصاصيين المؤهلين الذين يعملون وفقا لبرنامج مدروس يهدف إلى تقويم الأحداث الجانحين، وإعادة تكيفهم، وتوافقهم، وردهم إلى الطريق السوي. .
رأى الدكتور محمد مراد عبدالله أنه من واقع الخبرة والمعايشة لظاهرة جناح الأحداث في الدولة أن هناك العديد من المرتكزات التي يجب ترسيخها واتباعها حتى يمكن الحد من انتشار هذه الظاهرة، والعمل على احتوائها، وأهم هذه المرتكزات: أولا بالنسبة لأسرة الحدث، فكل من لديه أبناء في سن الحداثة يحب عليه اتباع الإرشادات التالية: – لا تطرد ابنك من المنزل مهما كانت الظروف، فأنت بذلك تسلمه بيديك إلى الشيطان، فإن حوالي 20% من الأحداث الجانحين، طردوا من بيوتهم بمعرفة ذويهم، فالطرد من المنزل لم يكن أسلوبا صالحا للتأديب، ولن يكون عاملا للردع، وإنما سيظل على الدوام دافعا للإنحراف. .
– لا تميز في معاملتك بين أبنائك، سواء كانوا أشقاء أو غير أشقاء. .
– اقض معهم وقتا أطول. . القسوة الزائدة إن لم تؤد إلى الجناح، فهي تسبب في أضطراب شخصية الحدث، وتحدث شروخا عميقة في نفسيته. .
– لا تظهر سوء أفعالك أمام أبنائك، فأنت بذلك تفقدهم القدوة والمثل، وهذا في حد ذاته يمثل نصف الطريق نحو الانحراف. .
– الأم يجب عليها ألا تتسلط وتتحكم في مقدرات المنزل، فقد ثبت أن نسبة غير قليلة من الأحداث الجانحين ينتمون إلى بيوت تتسلط فيها الأم. .
– كن سندا لطفلك إذا تورط مع الشرطة، ولا تتخل عنه إذا أودع في مؤسسة إصلاحية، فقد ثبت أن الأحداث الجانحين الذين يرفض أباؤهم زيارتهم خلال فترة تأهيلهم تكون استجابتهم للعلاج أبطأ واستعدادهم للارتداد أكبر. .
– راقب أصدقاء أولادك، فهم يمثلون أوسع الأبواب المؤدية إلى الجناح. .
– مهما كانت الجريمة التي اقترفها ابنك لا تعتبره عارا عليك وتتخلى عنه حتى لا تفقده للأبد، بل قف بجواره وساعده ليتخطى محنته، وتذكر أن إهمالك له وسوء تربيتك هي أهم العوامل التي دفعته للانحراف. .
– في حالة عصيان أحد الأبناء والإحساس بعدم القدرة على السيطرة عليه (خاصة الاَباء كبار السن الذين تزوجوا في مراحل عمرية متأخرة أو تزوجوا وهم في مرحلة عمرية متقدمة من اَسيويات صغيرات في السن) قم بتبليغ الجهات المسؤولة عن رعاية الأحداث أو الجهات الشرطية المختصة لمساعدتك في رعاية الحدث وتأهيله ليصبح عضوا نافعا في المجتمع. .

– لا تتعود على تهديد طفلك باستدعاء ’’الشرطي’’ كلما بدر منه ما يستدعي التوبيخ، فإن ذلك يرسخ في نفسية الحدث من نعومة أظفاره كراهية رجل الشرطة، وبالتالي يشب على تجنب التعامل مع رجال الشرطة، وعدم توقع الخير من جانبهم، فتلك العادة تصعب من مهام جهاز الشرطة في وقاية ابنك من الجناح، وتضعف من الجهود المبذولة في مجال وقاية الأحداث، وتقويمهم وردهم إلى الطريق الصحيح. .
– انتق الخدم الذين سيقيمون في منزلك، بحيث تتناسب مواصفاتهم مع ظروف بيتك، فقد ثبت أن خوض الحدث تجارب جنسية مبكرة، يدفع به إلى طريق الجناح. .

ثانيا: بالنسبة للمسؤولين عن التعليم فلهم دور كبير في تربية النش ء ورعايته، ومن واقع الخبرة الشرطية ينصحهم الدكتور محمد مراد عبدالله بالاَتي: – لا توصدوا أبواب المدارس أمام أي تلميذ مهما كانت الأسباب، فليس معنى حضور التلميذ متأخرا أن يحرم من دخول المدرسة، بل هناك طرق عديدة ومتنوعة للعقاب، فمنع التلميذ من قضاء يومه داخل جدران المدرسة يعني دفعه إلى البيئات التي تعلمه فنون الانحراف وأصول الجناح، وهناك علاقة واضحة بين الغياب عن المدرسة وجناح الأحداث، بل إن التغيب عن المدرسة هو أحد أهم المقدمات المعرضة للجناح. .
– أوجدوا الحلول والأنظمة التعليمية التي تكفل امتصاص ضعاف العقول، وغير الراغبين في التعليم، من خلال إنشاء مدارس فنية ومهنية لا يتطلب الإلتحاق بها إنهاء مراحل دراسية معينة، فعدم مقدرة الحدث على مجاراة نظم التعليم السائد، تؤدي به إلى كراهية المدرسة، ويولد لديه الإحساس بالدونية، حيث يتسرب من المدرسة ويندفع نحو الجناح. .
– افتحوا المدارس خلال العطلات الصيفية، لتتحول إلى مراكز ترفيه تربوية، تستقطب صغار السن وتشغل أوقات فراغهم، فقد ثبت جليا أن جرائم الأحداث تزداد بحدة خلال فترة العطلة الصيفية، وفترة عطلة نصف العام الدراسي. .
ثالثا: بالنسبة لرجال الشرطة ،يرى الدكتور محمد مراد عبدالله في دراسته أن من المؤسف أن رجال الشرطة – حتى في أكثر بلاد العالم تقدما – لا يزالون يعتقدون أن معاملة المذنب الصغير معاملة أساسها الرغبة في اصلاحه وإعادة بنائه اجتماعيا هي معاملة تتنافر مع مقتضيات مبدأ حماية الجماعة وتأمين سلامتها، وكثيرا ما تتسم تصرفات رجال الشرطة حيال الأحداث والمنحرفين بنفس العنف والحماس الذي يشوب تصرفاتهم حيال كبار المجرمين. . وقد سجل هذه الحقيقة تقرير المؤتمر القومي لانحراف الأحداث الذي انعقد في واشنطن عام 1947م. .

ويشير الكتور محمد مراد عبدالله إلى أن رجل الشرطة الذي يتمتع بالكفاءة وحسن التدريب وبصفات الحزم والنشاط والتجارب والفهم الصحيح لرسالته، يعد الحصن الأول ضد انحراف الأحداث. . ولكن لا بد من توعية رجال الشرطة والعمل على زيادة معارفهم تجاه سيكلوجية التعامل مع الأحداث بصفة عامة والجانحين منهم بصفة خاصة، ذلك أن ’’جانح اليوم’’ هو ’’مجرم الغد’’، فالجهد والصبر والوقت والعبء الذي سيتحمله رجل الشرطة في التعامل مع الحدث اليوم هو استثمار ناجح وفعال يجنب جهاز الشرطة الكثير من أعباء الغد. . وبصفة عامة ينصح الدكتور عبدالله رجل الشرطة بمراعاة القواعد الاَتية في تعاملهم مع الأحداث: – تعامل مع الحدث على أنه مريض وليس مجرما، فهو ضحية الظروف الأسرية والاجتماعيه والبيئية والتربوية المعتلة التي أحاطت به. .
– تعامل بحلم وصبر مع الحدث، واعلم أن سلوكك معه في اللقاء الأول سيحدد أسس تعامله مع المجتمع في المستقبل. .
– لا تضع القيد الحديدي في يديه، مهما كانت الظروف، ولا تقيده بالحبال مع غيره، عند نقله من مكان لاَخر، أو من وإلى المحكمة، فقد ثبت أن هذا الإجراء شديد الوطأة على نفسية الحدث. .
– لا توجه إليه ألفاظا بذيئة أو تنادي عليه بالتهمة التي ارتكبها، فالحدث الذي قبض عليه في قضية سرقة لا تناديه ب ’’يا لص ’’ فقد ثبت أن هذه الألفاظ لا جدوى منها في كشف الحقائق عن الحدث، ولكنها تعمق الفجوة بين الحدث والجهات الشرطية التي تعمل على تقويمه. .
– لا تضرب الحدث مهما كانت الظروف، فأقصى فائدة تتوقعها نتيجة لذلك هي اعترافه بقضية أخرى، أو الإرشاد عن شريك له، هذه الفوائد تقل بكثير عن الخسائر التراكمية الناجمة عن الاضطراب النفسي، وتفاقم مركبات النقص ، وزيادة النزعات العدوانية في أعماقه. .
– كن إيجابيا، وليكن هدفك هو صالح الحدث ذاته أكثر من إبراز انحرافاته وتعريفه امام أهله وذويه، وثق أن إحساس الحدث بذلك سوف يجعله يتعاون معك، ويزودك بكل المعلومات التي تطمح إليها. .
وفي نهاية دراسته طالب الدكتور محمد مراد عبدالله بتضمين خطط التدريب الشرطية دورة متخصصة في مجال ’’الوقاية من جناح الأحداث’’ تتضمن عددا من المواد الدراسية والتدريبات العملية التي تتعلق بموضوع الدورة، مثل: أمن الطفل، وسيكلوجية جناح الأحداث، وعوامل جناحهم  ، وتحليل مشكلة جناح الأحداث في دولة الإمارات، وفن التعامل مع الأحداث المنحرفين. . . وغير ذلك من قضايا تهم إشكالية جناح الأحداث في المجتمع. .
وأوصى بتخصيص عدد من الشرطيين الذكور والإناث، يتم انتقاؤهم بعناية، للتحقيق في قضايا الأحداث، بحيث يشكلون نواة لشرطة خاصة بالأحداث، يتم تأهيلهم في الداخل والخارج ليتولوا رعاية وتقويم الأحداث الجانحين، حتى بعد الإفراج عنهم لمعاونتهم وتشجيعهم على التكيف الاجتماعي، ومواجهة مشاكل الحياة. . وربما يكون من الأفضل أن يكون مقر هؤلاء المتخصصن خارج مراكز الشرطة، حتى لا يختلط الحانحين بالكبار من المجرمين، وحتى يتخفض توترهم وهلعهم، وبالتالي يسهل كسب ثقتهم وتعاونهم. .
كما طالب الدكتور محمد مراد عبدالله بمحو السجل الجنائي للحدث الجانح بعد التأكد من استجابته لجهود التقويم، وبعد مضي مدة معينة تتناسب مع الجرم الذي ارتكبه الحدث ويثبت خلالها حسن سلوكه، وذلك بهدف تشجيع الحدث على التجاوب مع جهود الاصلاح، ورفع كافة العراقيل التي تحول بينه وبين العيش في حياة كريمة وشريفة تسودها المحبة والوئام والسعادة في المجتمع .

 

 

 

 

 

اقرأ المزيد